الثلاثاء، 22 سبتمبر 2015

مامي.. بابي.. انا عايزاكوا انتوا

مامي.. بابي.. انا عايزاكوا انتوا

بقلم: بسمة السباعي

مدارس انترناشيونال.. خروجات في اغلي الاماكن.. اللبس لازم يكون رالف لورين وجوتشي.. اشتراكات في اغلي النوادي.. اجازات في اوروبا وامريكا.. موبيلات ايفون.. ايبادات.. حتي اللعب بتكون ماركات.. وهكذا.. احنا بنعمل لولادنا كل دة وفي المقابل بنحرمهم من اهم حاجة عايزينها اللي هو احنا..للاسف احنا بنبعد عن ولادنا وبنهد حاضرهم اللي بيبقي ماضي ضايع ملهوش ملامح عشان نبني مستقبلهم ونأمن حياتهم! بنهدهم عشان نبني مستقبلهم ونعملهم شوية ذكريات ملهاش اساس ولا وجود بشوية صور مليانة اماكن غالية جداً ولبس اغلي وضحكة جابرينهم انهم بضحكوها عشان نوري للناس اننا أم واب مثاليين والحنية مبهدلانا! بشوية صور تشتغل في فرحهم لما يكبروا الناس تشوفها هيتأثروا أوي من ضحكة ولادنا وهما في حضننا بس ولا احنا ولا ولادنا هيحسوا بحاجة ولا هتكون جواهم مشاعر لانها مجرد صور.. الوان علي ورق مفيهاش مشاعر مفيهاش احساس.. ولادك هيتفرجوا عالصور وكأنها مش صورهم لانهم محسوش بالايام دية من اساسة.. اما احنا فهنندم بجد.. هنتوجع اننا معشناش الايام دية.. هنبكي لاننا خلينا الانستجرام والفيسبوك حاجز بيننا وبين حضن ولادنا.. للاسف احنا ملناش وجود جنب ولادنا غير في الكام سيلفي اللي علي الفيسبوك وبس! 

اللي خلاني اكتب المقال دة هو اني حسيت اني اه جنب بنتي وقاعدة معاها بس فعلياً انا بعيدة عنها بمليون الف خطوة.. وبالتحديد كتبت المقال بسبب الكلام اللي بنتي مبتقولوش بس عيونها حاكياة لما بترد علي سؤالي اللي بسأله لها بعد كل خروجة او سفرية  "ها مبسوطة يا قلبي؟" بترد ب "اه" بس الحقيقة انه لأ.. ولأ أوي كمان.. مبلاقيهاش بتضحك ولا بتنطط زي زمان لما كنت صغيرة.. الموضوع في الاول قلب معايا بعصبية وعليّت "الأنا" عندي أوي وفضلت ازعق فيها واقولها "انت لية مش مبسوطة واية اللي ناقصك بتلبسي احسن لبس وعايشة احسن عيشة!" اتعصبت بجد وفضلت افكر هي لية مش مبسوطة وكعادة اي انسان اني يحدف كل الغلط علي اللي قصادة.. فلقيت نفسي بقول لنفسي شوية حجج وكلام اهبل زي "اصلها متدلعه".. "اصلها طماعة".. "اصلها زعلت عشان زعقتلها لما مش عارف حصل اية".. لاقيت نفسي بكدب نفسي انها مش مبسوطة وبقنع نفسي انها لا مبسوطة بس هي "بتحور".. تخيلوا البؤس وصل لاني بقول علي طفله عمرها خمس سنين "بتحور"! 
وخلص اليوم علي اني اقنعت نفسي اني تمام التمام واني برنسيسة وان بنتي هي اللي الغلط سايقها! وحصل اللي خلي نفسي تقرر تفوق وهي اني زعلت اني زعقت لبنتي فقررت اصالحها فقولتلها "يلا يا قلبي هاخدك اوديكي -تويز ار اس- تنقي كل اللعب اللي بتحبيها" واتفاجأت ان كان ردها "طيب مامي ممكن توديني عند ناناة وتروحي انت تويز ار اس"! وقتها انا اتثبت.. بنتي عايزة تسيب اللعب عشان تروح تقعد مع والدتي في البيت.. قصاد التلفزيون! 

قعدت فكرت اية اللي يخلي بنتي تتخلي عن انها تشتري لعب مقابل انها تروح تقعد عند جدتها! لاقيت ان والدتي بتعمل اللي انا مش عارفة اعملة وهو انها بتسمعها.. بتلعب معاها.. بتحكيلها حدوتة.. بترد علي اسألتها الكتير بأجابات مش ب "أوووف بطلي رغي " وي ما انا بقول لها.. لاقيت ان بنتي انبساطها مش في سفرية ولا في لعبة لا انبساطها في انا تلاقي حد حنين عليها ومش ماسك موبيلة وبيسمعها وبيتكلم معاها.. حد محسسها انها موجودة.. والدتي عرفت تخليها مبسوطة زي ما عرفت تخليني وانا واخواتي واحنا صغيرين مبسوطين.
وهنا انا فكرت قد اية احنا واحنا اطفال عيشتنا كانت مع اهالينا بسيطة جداً مكانش فيها لبس جوتشي ولا فيها ديزني لاند.. بس كنا مبسوطين.. كنا مبسوطين لاننا كنا بين بابا وماما بجد مش بس في الخانات.. كنا مبسوطين لان اهالينا وهم بيفسحونا كانوا موجودين معانا بجد مش موجودين في المكان بس عقلهم وعينهم عالموبايل.. لاقيت ان احنا او هتكلم عن نفسي اني بعمل كل حاجة لبنتي وانا مستعجلة وكأني مجبرة اللي هو يلا  اديني بخرجك عشان نخلص ويلا نروح عشان الحق احميكي ويلا عشان الحق انيمك ويلا عشان المدرسة ويلا عشان اخرجك تاني عشان اصورك ف اوري الناس انك ياي مبسوطة فحت واني ام رهيبة الجمال والحنان بزيادة.
احنا بجد مموتين نفسنا عشان ولادنا في الوقت اللي بنموت ولادنا من جواهم من بعدنا عنهم.. عارفة ان كتير منكوا هيقول انة لو معملش كدة وفضل قاعد جنب ولادة انه بكدة هيأذيهم وفاهمة ومقدرة دة جداً.. بس انا مبقولش كدة..  انا بقول ان كل ام وانا اولهم واحنا قاعدين معندناش شغل علطول باصين في الموبيل ولو حصل وبصيت ناحيتها فبيكون عشان ازعق لها او عشان اديها اوردر تنام او تبطل رغي مثلاً!.. متسيبش شغلك عشان ولادك بس برضو متسيبش ولادك وتموتهم من جواهم عشان "مستقبل" ولادك! مستقبلهم هيكون احلي بوجودهم وسطكوا بجد.. مش بس جنبكوا بحكم ان اوضتهم معاكوا في نفس الشقة وكدة.. لا جنبكوا بجد.

لكل  أم وأب متضيعوش الشوية اللي انتوا عايشينهم مع ولادكوا في الجري ورا تجميع الفلوس.. وحتي لو كانت ظروفك تسمح انك تلبس ولادك سنيهات وتعيشيهم احسن عيشة فعيشي واعملي دة بس اعرفي ان دية برضو مش احسن عيشة.. حسي واعرفي ان وصف "احسن" اللي قبل كلمة "عيشة" دة معناه انك تبقي موجودة في حياة بنتك او بنتك ولو حتي ساعة من يومك.

كتير مننا بيفضل يجري عشان يجيب فلوس عشان يعيش ولادة في احسن عيشة وفي الاخر بيشوف في عيون ولادة انهم ولا عاشوا ولا حتي حسوا بسعادة الاحسن عيشة.. كتير مننا بيفضل يبعد عن ولادة وبعدة عنهم يأذيهم ويوجعهم عشان يأمن مستقبل ولادة! ولادك هيكونوا احسن واقوي بأم بتسمع لهم وأب موجود.. تعرفي انك لما تكوني موجودة بجد جنب بنتك او ابنك هيطلعوا احسن ناس وهيكونوا عايشين احسن عيشة؟ 

وخلص المقال واعتقد انة للأسف مفيش حد هيقدر يتغير وانا أولكوا لاني انا حالياً عمالة بزعق لبنتي عشان تبعد عني عشان اعرف اكتب لكوا المقال دة اللي بنصحكوا فية انكوا تقربوا من ولادكوا.. اعتقد كدة انة سيبقي الوضع علي ما هو علية وعلي المتضرر "ولادنا" اللجوء الي بيت ناناة وجدو.. يارب نتغير.. طولت انا انهاردة عليكوا يلا تصبحوا علي الف خير.