ليلي
المرحومة ليلي
ليلي كانت صاحبتي الوحيدة...كانت أكتر حد بحبة في دنيتي بعد ماما و بابا
يوم الخميس أنا و هي خرجنا...روحنا مكانا المعتاد...النادي الأهلي
فضلنا نرغي و نضحك و نهزر...رحنا محل إسمة (يامي)..كان جوا النادي برضو...وطلبنا فرايز و طبعاً ليلي كعادتها فضلت ترخم علي الراجل عشان محطش كاتشب كتير عالبطاطس
و مشينا
كنا دايماً متعودين و إحنا راجعين من النادي إني أركب معاها و السواق بتاعها كان بيوصلني الأول و بعدين يوصلها بيتها
بس اليوم دا...ليلي رفضت إني أركب معاها...فضلت تتحجج و تقول كلام غريب أوي...كان باين عليها إنها مش عاوزاني أركب معاها....كانت عمالة تختلق أعذار شوية مامتها عايزاها بسرعة و شوية رايحة تجيب حاجات
بصراحة أنا إتضايقت منها جداً لإنها كانت لأول مرة من ١٤ سنة صداقة تكدب
أنا ركبت تاكسي..و روحت بيتي المؤقت
و هي ركبت عربيتها و إبتسمتلي...و هي في طريقها لبيتها...عملت حادثة و راحت لبيتها اللي هتستقر فية
راحت لربنا
ليلي ماتت
آيوا ماتت
يوم الجمعة
الساعة ٩ صباحاً
رحت بيتها...دخلت أوضتها لقيتها يا حبيبتي...ملفوفة في أبيض..والله كانت مبتسمة لسة....قربت منها...و وطيت جمبها و قلتلها: لية يا ليلي مخدتنيش معاكي؟؟ لية يا ليلي سيبتيني في الدنيا لوحدي؟؟ يا ليلي أنا زعلانة منك...هو إحنا مش أصحاب؟؟ و باخدك معايا في كل مكان؟؟ كدا بقا إنتي تروحي أجمل مكان و متخدنيش؟؟ كدا يا ليلي؟؟
وقتها مكنتش مستوعبة فكرة إنها ميتة...مش قادرة أفهم يعني اية ليلي خلاص ماتت و مش هتبقي موجودة تاني...كنت عمالة أقنع نفسي إنة مقلب هي عملاة فيا لإن ليلي كان من طبعها الهزار التقيل...بس لأ
لأ مش هزار
مش هزار
الخشبة داخلة أوضتها أهي
حطوا ليلي علي الخشبة و شالوها...و صوت (لا إله إلا الله) عمال بيعلي
و أنا عمالة أنادي عليها...ليلي...يا ليلي ردي...يا ليلي
ليلي ماشية معاهم و سابتني...ليلي مُستكينة و مُستسلمة للناس اللي شايلينها...و أنا عمالة أقول للناس اللي شايلنها: سيبوها هنا...سيبوها معانا...متخدوهاش...هتودوها فين؟؟ ردوا عليا...متخدوهاش
صوت (لا إله إلا الله) قاتلني...صوت التكبيرات خلاني أنهار...خلاني لازم اصدق إن ليلي خلاص ماتت
ركبت العربية مع مامتها
ورحت معاهم مسجد الصديق في مساكن شيراتون عشان نصلي علي ليلي صلاة الجنازة
هأصلي علي ليلي صلاة الجنازة...معقول؟؟ طب إزاي؟؟
لبست الطرحة...و الشيخ بدأ الصلاة...و مع كل تكبيرة يقولها روحي كانت بتتسحب مني
كنت حاسة إني معترضة...معترضة ان ليلي ماتت...و أقول جوا نفسي لأ مش هصلي عليها لأ...أنا مش هستسلم لإنها ماتت...أنا مش هأشارك الناس كمان في الصلاه عليها...بس بعد الشيخ ما كبر التكبيرة التالتة إستسلمت...و استغفرت جوا نفسي علي إعتراضي علي قضاء الله...و دعيت ل ليلي
دعيت إن ربنا ميخليهاش تبقي خايفة في القبر...لإني عارف إن ليلي كانت بتخاف جداً من الضلمة
دعيت إن ربنا يدخلها الجنة و قلتلة إن ليلي كانت بنت كويسة أوي والله...و طلبت من ربنا إنة ياخد كل حسناتي و يديها ل ليلي
خلصت التكبيرة الرابعة...و جية وقت الوداع الحقيقي
خلصنا صلاة و طلعنا كلنا علي المدافن
و إبتدي الشيخ في خطبتة
فضل يوعظ في الناس بكلام كتير و خطبة طويلة عريضة...مع إن الموت دا أكبر واعظ و الكلام اللي مش مسموع اللي جاي من جوا الكفن أبلغ بكتير من ميت ألف كلمة يقولها أي شيخ...لما أكون مع ليلي خارجة و تاني يوم كنا متفقين نروح نتغدي برا و فعلاً توفي بالإتفاق و نخرج مع بعض أنا و هي...بس أنا علي رجلي و هي ملفونة بميت طبقة قماش و كلها ٥ دقايق و تنزل تحت التراب و نقفل عليها التربة و نمشي...و هي تبدأ في رحلة الاخرة لوحدها....أسكت بقي يا شيخ...أسكت بقي...ملهوش لزوم كلامك دا كلة...أسكت وسيب سكوت الموت هو اللي يوعظ...أسكت و سيب ضلمة القبر هي اللي توعظ...أسكت كلامك ملهوش مكان حروفك و جملك ملهاش مكانة وسط التراب و المدافن وسط الكفن وسط صمت و سكون ليلي...أسكت و سيبني أسمع سكوتها
نزل باباها ويا التربي و سابوها تحت
أيوا سابوها تحت خلاص و طلعوا
قفلوا عليها بالطوب
قفلوا آخر مكان بيدخلها شعاع نور من الدنيا
وقفت دعيتلها...قريت لها الفاتحة...قربت من الطوب اللي قفلوة بية عليها و قلتلها: ليلي متخافيش...أنا عارفة إن ربنا بيحبك...متخافيش...بس ونبي لما تشوفي ربنا إبقي قوليلة يجيبني عندك...أصلك هتوحشيني...والله هتوحشيني
والدة ليلي مشيت
والد ليلي مشي
أخوات ليلي مشيوا
حتي أنا...صاحبة عمرها...مشيت
آه كنا زعلانين و دموعنا مش عايزة تقف...بس مشينا
حبنا ليها منفعهاش
دموعنا و حزننا برضو منفعوهاش
ليلي إدفنت تحت التراب و في ضلمة رهيبة و لوحدها و خلاص مش هشوفها تاني...خلاص وجودها إتلغي
ليلي ماتت...كان ممكن أنا اللي أكون مكانها
كان ممكن ليلي هي اللي تيجي تصلي عليا و تدفني
و كان ممكن إنتي و لا أنت اللي تكونوا مكان ليلي
بس ربنا لسة مدينا عمر
مدينا عمر عشان نصلح من نفسنا
مدينا عمر عشان نتوب عن أي حاجة وحشة بنعملها
مدينا عمر عشان نقرب منة و نفوق من الغفلة اللي إحنا فية
هو إنت لو عندك بيتين
واحد إيجار
و واحد تمليك
و عندك فرصة تشطب و تعمل أحلي ديكورات...و تفرش كمان
هتختار آنهي بيت؟؟
هترمي فلوسك و تعبك في بيت إيجار؟؟ كلها كام شهر و لا حتي كام سنة و ييجي صاحب البيت يمشيك؟؟ هتعمل كدا؟؟
ولا هتشطب و تفرش و تتعب في نفسك و تحط فلوسك في بيت ملكك إنت...مهما عدت مليون سنة ولا حد هيقولك إمشي منة ولا حتي حد هيزعجك...مش بذمتك البيت التمليك أولي؟؟
والله أولي و أبقي
إهتم بما ستملك
إهتم بآخرتك
والله آخرتك أهم
والله أهم
بعد موت ليلي إكتشفت إني مهتمة أوي بالدنيا الإيجار و بكل تفاصيلها و هاملة بيتي التمليك...بيتي الأساسي...بيتي اللي عند ربنا
بعد موت ليلي قررت إني هبتدي تشطيب و ديكوارات في بيتي التمليك
و أول حاجة عملتها في بيتي التمليك
كانت....حجابي
و أبقي بكدا شطبت أول أوضة في بيتي اللي عند ربنا
ولسة فاضل كتييييييييير أوي
بس عارفين...أنا مبسوطة أوي والله إني إبتديت أجهز و أوضب بيتي التمليك اللي عند ربنا
و إنتوا كمان...أرجوكوا...إنتهزوا فرصة إنكوا عايشين و إبتدوا في تجهيز بيتكوا الأساسي...أصل التشطيب هياخد منكوا وقت طويل أوي...و الموت مبيستناش حد
الموت مبيستناش حد
